حكم لبس الثياب السوداء
⛔️ السؤال: من ما تفضل به علينا أحد السادة الأجلاء من فضلاء الحوزة العلمية الشريفة (حرسها الله) السؤال التالي:
سماحة الشيخ الجليل العالم العامل أبا محمَّدٍ جعفر الشارقي..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما هو رأي سماحة العلم العالم، والفقيه المحدِّث، آية الفهم والأدب والتقوى، الشيخ يُوسُف آل عصفور (علا برهانه) في لُبس الأسود عمومًا، وفي ذكر وفيَّات الأطهار(عليهم السلام)؟
وإن كان الجواب بالكراهة، فهل ترتفع في ذكرى واقعة الطف ومقتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟
وإن كان نعم، فهل ذلك في خصوص اليوم العاشر من المحرَّم، أو أنَّه يستوعب أكثر منه من أيَّام المحرَّم؟
أرجو من سماحتكم أن لا تنسوني من جميل دعائكم.
🔴 الجواب: الشيخ جعفر الشارقي:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
سيدنا العلامة الجليل
حقيقة..
شرّفنا حضوركم..
وأخجلنا تواضعكم..
وأنتم أهل العلم والشرف والدين، ونحن أهل الأخذ عنكم والتعلم منكم، فأنتم الأولى بالإجابة على هذا السؤال وغيره من العبد الفقير.
لكن وحيث إنكم من أهل بيت إذا أمروا وجبت طاعتهم، وإذا قالوا سُمعَت مقولتهم، لذلك كان لزاما علينا التطفل بالإجابة، فنقول:
⚫️ في ما يتعلق بمسألة لبس الأسود كما تعلمون -وأنتم أهل العلم- فإن روايات أهل بيت العصمة والطهارة "صلوات الله وسلامه عليهم" التي رواها فقهاؤنا العظام "قدس الله أسرارهم" في كتبهم المعتمدة زاخرة بالنص على النهي عن لبس الثياب السوداء مطلقا، سواء في الصلاة وغيرها، وأنه شعار ولباس أعدائهم ..
📌 ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق في الفقيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال:(لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون).
ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق أيضا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (أوحى الله إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين لا يلبسوا ملابس أعدائي، ولا يطعموا مطاعم أعدائي، ولا يسلكوا مسالك أعدائي، فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي).
وقد قال شيخ المحدثين في كتاب عيون الأخبار بعد نقل هذا الخبر: لباس الأعداء هو السواد.
ومنها: ما رواه ثقة الإسلام الكليني في الكافي عن حذيفة بن منصور قال: (كنت عند أبي عبدالله (عليه السلام) بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر أحد وجهيه أسود والآخر أبيض فلبسه ثم قال أبوعبدالله (عليه السلام): (أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار).
ومن المعلوم أن السواد كان شعارا لبني العباس، وإن لباس الإمام له كان تقية منهم.
ومنها: ما رواه في الكافي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (قلت له اصلى في القلنسوة السوداء؟ فقال لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار).
🔴 وفي خصوص الصلاة قد استفاد فقيه أهل البيت (عليهم السلام) المحدّث الشيخ يوسف البحراني "قدس سره" وفقهاؤنا العظام من هذه الروايات الشريفة، واستنبطوا منها الحكم بكراهة الصلاة في الثياب السوداء إلا ما ورد الدليل على استثنائه وهو: العمامة والخف والكساء -وهو ثوب من صوف- ومنه العباء.
ويدل على ذلك ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف والعمامة والكساء).
وما رواه ثقة الإسلام في الكافي عنهم (عليه السلام): (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكره السواد إلا في ثلاث: الخف والعمامة والكساء).
📌 كما قال بكراهة لبس بعض الألوان غير السوادء:
منها: المفدم وهو كل لون مشبع من حمرة أو صفرة أو خضرة أو نحو ذلك.
ومنها: المعصفر وهو المضرج بالزعفران.
⚫️ ثم إن الشيخ البحراني "قدس الله ضريحه" أفتى باستثناء لبس السواد إذا كان لمصيبة الحسين (عليه السلام) من الحكم بالكراهة لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان، ونصب العزاء عليه في كل مكان مستدلا على ذلك بأدلة منها ما رواه الشيخ المجلسي عن زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: (لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبس نساء بني هاشم في مأتمه ثياب السواد، ولم يغيّرنها في حرّ أو برد، وكان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصنع لهن الطعام في المأتم).
ولازم هذه الرواية: إنهن (عليهن السلام) كنّ يصلين بالثياب السوداء حيث لم يغيّرنها في حرّ أو برد، وكل ذلك في ظل إقرار من الإمام زين العابدين (عليه السلام).
📌 وهل يشمل هذا الإستثناء سائر مصائب المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام) لأن المناط فيها كلها واحد أم لا يشملها؟
لم يتطرق إلى ذلك شيخ الحدائق وغارسها.
📌 أما لبس الأسود في غير الصلاة فهو مكروه -وكل مكروه جائز- كما استظهره الشيخ مما دلّ على أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يلبسونه أحيانا في مقام استحباب إظهار الزينة.