من خطب الشيخ البحراني في يوم الغدير

⛔️ من خطب الجمعة والأعياد لفقيه أهل البيت المحدّث المحقق الشيخ يوسف آل عصفور الدرازي البحراني "قدس سره الشريف":

الخطبة الأولى (الثّالثة بعد المائة): وفيها الإشارة إلى يوم الغدير:

🔴 بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الذي أقام الدين المنير، بنصب ذلك السيّد الكبير، في يوم الغدير، ورفع أعلام الشرع المبين، برفع نبيّه بِضَبْعِ الأمير، في ذلك الجمّ الغفير، فنصبه علما للمهتدين، ونورا للسائرين، في طلب الحقّ واليقين، وأتمّ به النّعمة، وأكمل به الدّين، ورضي بالإسلام دينا، ممن سلّم له من الموحّدين.

📌 نحمده سبحانه على ما خصّنا به من إلهام حبّ أولئك السادة الميامين، وجعلنا بهم من الآمنين في يوم تفرّ فيه الآباء من البنين، خلقنا بفضله من فاضل طينتهم، فصارت قلوبنا مجبولة على محبّتهم.  

📌 ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، دامغ شبهات الأباطيل (الخيبرية)، بالبيعة الغديريّة، ودافع تُرُهات أضاليل الأمّة الغويّة، بسطوع براهين الإمامة الحيدرية، ورافع أعلام الشيعة الاثني عشرية بذلك على كافة البرية.

📌 ونشهد أنّ محمّدا صلى الله عليه وآله، عبده ورسوله، الذي بلغ وبالغ ونصح وجاهد واجتهد، وأفصح وصبر على الأذى، في جنبه، وتحمّل مشاق الردى في حبّه، حتى كسروا في الحرب رُباعيته، ودفعوا به في العقبة ناقته، وهمّوا غير مرّة باغتياله، فحيث لم يدركوا ذلك أوقعوه بعده بآله.

صلى الله عليه وعلى من يؤول إليه من أبنائه الجهابذة الغرر، والشجرة المباركة المثمِرِ، التي من تمسّك بأغصانها أمن، من كلّ حذر، ومن أخذ بأفنانها، نجا من أهوال القبر، وعقاب المحشر، وحرّ سقر.  

📌 أيها الإخوان من ذوي الإيمان، المستمسكون، بعروة الأمان، وأمناء الرّحمن، اعلموا أيّدكم الله تعالى بتوفيقه، وسقاكم بكأس رحيقه، أنكم قد اجتمعتم في نعمة لا يفوز بها حمد حامد، ولا شكر شاكر، ولا يأتي على افرادها ذكر ذاكر، ولا حصر حاصر، وهي نعمة الولاية، وما أدراك ما الولاية، فضل لا تحصيه الأقلام، ولا يقوم به الأنام، ولا يُعرف له غاية، نعمة قد خصّكم بها الخالق، معاشر الإمامية من بين كافة الخلائق، وإليها يسارع التالي ولديها يرجع السابق، نعمة قد كفّرتْ بها عنكم الذّنوب والآثام، وغفرت بها جملة المعاصي والإجرام، واستحققتم بها الخلود في دار السّلام والارتقاء إلى جوار الملك العلاّم، ويكفيك في ذلك ما تواتر بين الفريقين، واستفاض بين الطائفتين، من قوله صلى الله عليه وآله، حبّ علي حسنة لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معه حسنة، وما روته الخصوم في أصحتها فضلا عن الإمامية ونقلها من الحديث القدسي إنّ الله سبحانه قال لأدخل الجنّة من أطاع عليّا وإن عصاني، وأدخل النّار من عصاه وإن أطاعني، والأحاديث في هذا الباب لا يقوم بحصرها، الكتّاب.

📌 هذا وقد أظلّكم ذلك اليوم المبارك، الذي هو سيد الأعياد، والذي تبركت به الشيعة الأمجاد، وزيّنت فيه السّبع الشّداد، ورجمت فيه شياطين ذوي النّصب والإلحاد، وهو يوم الغدير، وما أدراك ما يوم الغدير، يوم نصْبِ السيّد الكبير، وأمير كلّ أمير، يوم إكمال الدين، وإتمام النعمة يوم الجوائز العظيمة، والمواهب الجمّة، وقد ورد في الحديث عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، أنه قال في خطبة خطبها في يوم الغدير، أنّ هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفعت الدرج، ووضحت الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح، عن المقام الصّراح ويوم كمال الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود ويوم تبيان  العقود، عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقائق الإيمان، ويوم دحر الشّيطان، ويوم البرهان، هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون، هذا يوم الملأ الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الإرشاد، ويوم محنة العباد، ويوم الدليل على الرواد، هذا يوم إبداء خفايا الصدور، ومضمرات الأمور، هذا يوم النصوص على أهل الخصوص، هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون، هذا يوم الأمن المأمون. فلم يزل عليه السّلام يقول هذا يوم إلى آخر كلامه، صلوات الله وسلامه عليه.

📌 وروى الصدوق عطّر الله مرقده عن المفضّل بن عمر، قال قلت لأبي عبدالله عليه السّلام، كم للمسلمين من عيد، فقال أربعة أعياد، قال قلت عرفت العيدين والجمعة، قال أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، عليّا أمير المؤمنين عليه السّلام ونصّبه للناس علما، قال قلت ما يجب علينا في ذلك اليوم؟ قال يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له، مع أنه أهل أن يشكر كلّ ساعة وكذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي ويتّخذونه عيدا، ومن صامه كان أفضل من عمل ستين سنة.    

📌 وروى الشيخ نوّر الله ضريحه في التهذيب، بسنده عن العبدي قال سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول: صيام يوم غدير خمّ، يعدل عمر الدّنيا لو عاش إنسان، ثم صام ما عمّرت الدّنيا، لكان له ثواب ذلك، وصيامه يعدل عند الله عزّوجل في كلّ عام مائة حجة، ومائة عمرة، مبرورات، متقبلات، وهو عيد الله الأكبر وما بعث الله عزوجل نبيا إلاّ وتعبّد في هذا اليوم وعرف حرمته، واسمه في السّماء يوم العهد المعهود وفي الأرض يوم الميثاق المأخوذ، والجمع المشهود. ومن صلّى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول بنصف ساعة يسأل الله عزوجل، يقرأ في كلّ ركعة سورة الحمد مرة، وعشر مرات قل هو الله أحد، وعشر مرات آية الكرسي، وعشر مرات إنا أنزلناه، عدلت عند الله عزوجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عزو جل حاجة من حوائج الدّنيا والآخرة إلاّ قضيت له كائنة ما كانت الحاجة، وإن فاتته الركعتان والدعاء قضيتهما بعد ذلك. ومن فطّر فيه مؤمنا كان كمن أطعم فئاما فئاما وفئاما، فلم يزل يعُدُّ إلى أن عقد بيده عشرا، ثم قال أتدري كم الفئام؟ قلت لا. قال: مائة ألف، كل فئام كان له ثواب من أطعم بعددها من النّبيين والصّديقين والشّهداء في حرم الله عزّ وجلّ، وسقاهم في يوم ذي مسغبة، والدرهم فيه بألف ألف دررهم، قال لعلّك تريد أن الله عزوجل خلق يوما أعظم حرمة منه، لا والله، لا والله، لا والله، فقابلوا رحمكم الله تعالى هذه النِّعم الجزيبة، بالطامة، واعرفوا حقها بالقيام لواهبها بالحمد في كلّ ساعة، ولا تهملوها بارتكاب المعاصي، والإضاعة، فإنه سبحانه يضاعف لمن شكره ويذكر من ذكره.        

إنّ خير ما زينت به وجوه الطروس، وآثر وقعا في الخواطر والنفوس، كلام الله سبحانه المنجي من البؤس. أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم، (بسم الله الرّحمن الرّحيم، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ

 اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ).

وأستغفر الله لي ولكم، إنّه غفور رحيم، كريم منّان.

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *