حكم العمل بالتقية عند الشيخ البحراني

⛔️ ‏السؤال: ‏‏من ما تفضل به علينا أحد المشايخ الكرام:

شيخنا الجليل ‏وأستاذنا النبيل، نشكركم على هذا العمل المثمر والمجهود الكبير الذي تبذلونه في خدمة مذهب أهل البيت "عليهم السلام" وخدمة شيعتهم.

السؤال: ما هي فتوى الشيخ يوسف البحراني ‏"قدس الله نفسه الزكية" فيما لو ثبت هلال شهر ذي الحجة عند الحكومة السعودية ولم يثبت عندنا.

فهل يجوز للمكلف الوقوف في يوم عرفة معهم في يوم الثامن من ذي الحجة؟ وهل يصح حجه في هذه الحالة وتبرأ ذمته؟

‏🔴 الجواب: الشيخ جعفر الشارقي:

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 🌹

‏أهلا بك شيخنا الجليل.

‏نشكركم على هذه الثقة ‏الغالية، ونسأل الله أن نكون أهلا لها.

1️⃣ ‏مما لا شك فيه أن ‏الوقوف في عرفة ‏هو ركن الحج الأكبر الذي يجب ‏على الحاج ‏أن يأتي به في يوم التاسع من ذي الحجة ‏بعد اطمئنانه لثبوت الهلال ‏في بداية الشهر.

‏2️⃣ كما إن تحديد يوم عرفة أصبح في هذه السنين من مهمات الحكومة السعودية، ‏وليس مسموحا بالاختلاف فيه بأن تقف كل فئة حسب ما تراه.

بل إن ‏جميع الحجاج ملزمون بالوقوف في اليوم ‏المحدد من قبلها ‏حتى لو صادف الثامنَ ‏من الشهر عند الحاج.

‏3️⃣ والفقهاء مختلفون في هذه المسألة على عدة أقوال، فمنهم من يقول بصحة الحج ‏وإجزائه ‏عن حج الإسلام مطلقا، وبعضهم يقول بالصحة والإجزاء بشرط عدم المخالفة القطعية، ‏وغيرها من الأقوال.

🛑 أما فتوى ‏فقيه أهل البيت "عليهم السلام" الشيخ يوسف ‏آل عصفور الدرازي البحراني ‏"قدس سره" ‏في هذه المسألة، فإن ما نجزم به ونطمئن إليه من خلال مبانيه وفتاواه ‏المتفرقة هو وجوب العمل بما تقتضيه التقية وصحته وإجزاؤه.

🔵 وهذا ما صرّح به الشيخ في عدة مواضع من حدائقه.

‏وسأكتفي للتدليل على صحة هذا الفهم بذكر موضع واحد من الحدائق الناضرة، ‏حيث قال الشيخ "قدس سره" عند الكلام عن المسح على الخفين في حال التقية:

📍 (العاشر – إذا فعل المكلف فعلا على وجه التقية من العبادات أو المعاملات فهو صحيح مجزي بلا خلاف، لكن الخلاف في أنه لو تمكن في العبادة -قبل خروج وقتها- من الإتيان بها على وجهها، هل تجب الإعادة أم لا؟

📌 صرح المحقق الشيخ علي "رحمه الله" بتفريع ذلك على ما قدمنا نقله عنه من التفصيل بأنه إن كان متعلق التقية مأذونا فيه بخصوصه كغسل الرجلين في الوضوء والتكتف في الصلاة، فإنه إذا فعل على الوجه المأذون فيه كان صحيحا مجزئا وإن كان للمكلف مندوحة من فعله، إلتفاتا إلى أن الشارع أقام ذلك الفعل مقام المأمور به حين التقية كما تقدمت الإشارة إليه، فكان الإتيان به امتثالا فيقتضي الاجزاء، قال: "وعلى هذا فلا تجب الإعادة ولو تمكن منها على غير وجه التقية قبل خروج الوقت، ولا أعلم في ذلك خلافا من الأصحاب".

📌    وبملخص هذا الكلام صرح في شرح القواعد، ثم قال: "وأما إذا كان متعلقها لم يرد فيه نص على الخصوص كفعل الصلاة إلى غير القبلة، والوضوء بالنبيذ، ومع الإخلال بالموالاة فيجف أعضاء الوضوء كما يراه بعض العامة فإن المكلف يجب عليه -إذا اقتضت الضرورة موافقة أهل الخلاف فيه- إظهارُ الموافقة لهم ثم إن أمكن الإعادة في الوقت بعد الإتيان به لوفق التقية وجبت، ولو خرج الوقت نُظِرَ في دليل يدل على وجوب القضاء، فإن حصل الظفر به أوجبناه وإلا فلا، لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد.

📌    ونقل عن بعض أصحابنا القول بعدم الإعادة مطلقا، نظرا إلى كون المأتي به شرعيا فيكون مجزئا على كل تقدير. ورُدَّ بأن الإذن في التقية من جهة الإطلاق لا يقتضي أزيد من إظهار الموافقة مع الحاجة" انتهى.

    وأنت خبير بأنه إن اشترط في جواز العمل بالتقية عدمُ المندوحة، يلزم على قوله أنه مع المندوحة تجب الإعادة وقتا وخارجا.

📌    ثم لا يخفى عليك أن المسألة لخلوها عن النص الصريح لا تخلو عن الإشكال، وما ذكره من التعليل في المقام عليل.

⚫️    إلا أن الذي يقرب إلى الفهم العليل والذهن الكليل – من أخبار حفظة التنزيل الدالة على الأمر بمخالطة العامة ومعاشرتهم وعيادة مرضاهم وتشييع جنائزهم، حتى ورد: "إن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا" والتأكيد على الصلاة معهم ونحو ذلك، مع استلزام ذلك المخالفة في بعض الأفعال البتة – هو صحةُ ما أوجبته التقيةُ مطلقا، سواء كان مأمورا به بطريق الخصوص أو العموم، له مندوحة عن الإتيان به تقية أم لا.

📌 فإن المفهوم من تلك الأخبار أن الغرض من ذلك هو تأليف القلوب واجتماعها لدفع الضرر والطعن على المذهب وأهله كما يشعر به قول الصادق (ع) بعد الأمر بما قدمنا ذكره: "فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية رحم الله جعفرا، ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا فعل الله بجعفر، ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه" لا أن الغرض إظهار الموافقة لهم في ذلك الجزئي الخاص لدفع الضرر المترتب عليه خاصة.

📌 على أنه في صورة ما إذا كان مستند التقية الأخبار المطلقة فمتى اقتضت ضرورة التقية الموافقة لهم وكان ذلك هو الواجب عليه شرعا فأتى به – وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء – فالإعادة وقتا وخارجا يحتاج إلى دليل من غير فرق بين المقامين، لأن هذه المسألة في التحقيق فرد من أفراد مسألة ذوي الأعذار، والأظهر والأشهر فيها عدم الإعادة.

📌 وتعليل وجوب الإعادة في الوقت دون الخارج – بأن إطلاق الإذن في التقية لا يقتضي أزيد من إظهار الموافقة مع الحاجة – فيه إنه: إن كان ما فعله إظهارا للموافقة هو فرضه في تلك الحال شرعا فقد مضى بعد فعله على الصحة، فإعادته مع عدم الدليل لا وجه له، وإلا فالواجب الإعادة في المقامين وقتا وخارجا وهو لا يقول به).

‏انتهى كلام الشيخ "قدس سره".

وهو واضح في ما قلناه، ‏بيّن فيما سطرناه أعلاه من أن على المكلف أن يلتزم بما تقتضيه التقية ويصح حجه ويجزيه عن حج الإسلام وغيره مطلقا.

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *