هل يجوز للمكلف غير الفقيه العمل بالروايات من غير الرجوع إلى الفقهاء؟

قال الشيخ يوسف البحراني قدس سره:

وما توهّمه بعضُ من لم يعضَّ على العلم بضرس قاطع، ولم يعط التأمل حقه في جميع المواضع، من التفرّد بالعمل بالأخبار من غير ملاحظة كلام الأصحاب، فهو جهلٌ محضٌ لما أوضحناه، وإن صار في هذه الأيام من صار إلى ما ذكرناه إلا أنه كما عرفتَ واضح الفساد ناشئٌ من العصبيّة واللّداد.

ومن ما يوضح لك صحة ما ذكرناه:

ما اشتهر بينهم الآن من أنه ينبغي لطالب العلم أن لا يشتغل إلا بكتب الأخبار وإن كان أميّا لم يقرأ شيئا من العلوم بالكلية، وصارت كتب الفقهاء بينهم مهجورة مطّرحة.

وهذه حماقةٌ ظاهرةٌ فإنه لا يخفى على المنصف العارف بالقواعد الشرعية، والضوابط المرعية، أن هذه المرتبة وهي الاشتغال بالأخبار، واستنباط ما فيها من الأحكام والأسرار، ليست بسهلة التناول لكل من رامها من الناس، وإن زعم ذلك من تلبس الآن بهذا اللباس.

وإنما هي مرتبةُ الفقيه الجامع الشرائط، وهي مرتبةٌ لم يصلها العلماء إلا بعد أن تشيب نواصيهم في تحصيل العلوم، والاطلاع على كل معلوم منها ومفهوم، وإحكام قواعدها، وتحصيل ضوابطها، ومع هذا فهم فيها بين قائم وطائح، وغريق وسابح.

وأين لهؤلاء الجهال من نيل هذه المرتبة العزيزة المنال بمجرد عقولهم الناقصة العيار، وتوهّماتهم الموجبة للعثار.

نعوذ بالله سبحانه من زيغ الأفهام، وزلل الأقدام، والخروج عن النهج القويم، والميل عن الصراط المستقيم.

المصدر: الحدائق الناضرة ج١١ ص١٧


تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *