فضل سجود الشكر وأهم أحكامه

💠 سُجُودُ الشُّكْر

يعتبرُ سجودُ الشكرِ من المستحباتِ المؤكّدةِ التي وردَ لها ثوابٌ عظيمٌ وفوائدُ كثيرةٌ.

‏ومنْ أجلِ ذلكَ كثرَ الحثُّ عليهِ من الرسولِ الأعظمِ (صلى الله عليه وآله) ومن أهلِ بيتهِ المعصومينَ (صلوات الله عليهم أجمعين).

🔹ومما وردَ ‏في هذا المقامِ ما رواه الشيخُ عن مرازمٍ عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: “سجدةُ الشُكرِ واجبةٌ على كلِ مسلمٍ، تتمُّ بها صلاتكَ، وتُرضي بها ربكَ، وتَعجبُ الملائكةُ منكَ، وإنَّ العبدَ إذا صلى ثم سجدَ سجدةَ الشكرِ فتحَ الربُّ تباركَ وتعالى الحجابَ بين العبدِ والملائكةِ، فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدَّى فَرضِي وأتمَّ عَهدِي ثم سجدَ لي شكرا على ما أنعَمتُ به عليه، ملائكتي: ماذا له عندي؟

قال فتقولُ الملائكةُ: يا رَبَّنا رحمتك.

ثم يقولُ الربُّ تباركَ وتعالى: ثم ماذا له؟

فتقولُ الملائكةُ: يا رَبَّنا جنتك.

فيقولُ الربُّ تباركَ وتعالى: ثم ماذا له؟

فتقولُ الملائكةُ: يا رَبَّنا كِفَاية مُهمِّهِ.

فيقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: ثم ماذا؟

فلا يبقى شيءٌ من الخيرِ إلا قالتهُ الملائكة.

فيقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: يا ملائكتي ثم ماذا؟

فتقولُ الملائكةُ: رَبَّنا لا عِلمَ لنا.

قال: فيقولُ اللهُ تباركَ وتعالى: أَشكُرُ له كما شَكَرَ لي وأُقبِلُ إليهِ بفضْلي وأُرِيهِ رحمتي”.

🔹ومنه مارواه الصدوقُ في الفقيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: “أوحى اللهُ تعالى إلى موسى بن عمران: أتدري لمَ اصطفيتُكَ بكلامي دونَ خلقي؟

قال موسى: لا يا رب.

قال: يا موسى إني قلّبْتُ عبادي ظهرا وبطنا فلمْ أجدْ منهم أحدا أذَلَّ نفسا لي منكَ.

يا موسى: إنكَ إذا صليتَ وضعْتَ خدَّيكَ على التراب “.

🔻وهو سجدةٌ واحدةٌ أو سجدتانِ كما في بعضِ الرواياتِ الشريفة.

🔻وأما محلّهُ: فهو بعدَ الفراغِ من تعقيباتِ الصلاةِ بأن يسجدَ المصلي شكرا للهِ تعالى على التوفيقِ لأدائها.

🔻كما يستحبُ سجودُ الشكرِ عندَ تجدّدِ النِّعمِ ودفعِ النِّقم.

🔻ويستحبُ عند تذكّرِ النعمةِ وإن لم تكنْ مُتجَدِّدة.

🔻ويستحبُ فيه أن يفترشَ الساجدُ ذراعيهِ ويلصقَ صدرَهُ وبطنَهُ بالأرض.

‏🔻وقد وردَ عن الائمةِ (عليهم السلام) عدةُ أذكارِ يستحبُ الإتيانُ بها في سجودِ الشكرِ، منها ما وردَ في الرواياتِ التالية:

🔹 روى في الفقيه عن عبدالله بن جندب عن موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه قال: تقولُ في سجدةِ الشكر:

“اللهمَّ إني أُشهدكَ وأشهدُ ملائكتكَ وأنبيائكَ ورسلكَ وجميعَ خلقكَ أنكَ [أنتَ] اللهُ ربي، والاسلامُ ديني، ومحمدٌ نبيي، وعليٌ والحسنُ والحسينُ، وعليُّ بن الحسينِ، ومحمدُ بن عليٍّ، وجعفرُ بن محمدٍ، وموسى بن جعفرٍ، وعليُّ بن موسى، ومحمدُ بن عليٍّ، وعليُّ بن محمدٍ، والحسنُ بن عليٍّ، والحجةُ بن الحسنِ بن عليٍّ أئمتي، بهمْ أتولَّى، ومنْ أعدائهمْ أتبرّأ.

اللهمَّ إني أنشدكَ دمَ المظلومِ – ثلاثا.

اللهمَّ إني أنشدكَ بإيوائكَ على نفسكَ لأعدائكَ لتُهلكنَّهمْ بأيدينا وأيدي المؤمنين.

اللهمَّ إني أنشدكَ بإيوائكَ على نفسكَ لأوليائكَ لتُظفرنَّهمْ بعدوكَ وعدوِّهمْ أن تصليَ على محمدٍ وعلىٍّ المستحفظينَ من آلِ محمدٍ – ثلاثا.

وتقول: اللهمَّ إني أسألكَ اليسرَ بعدَ العسرِ – ثلاثا.

ثم تضعُ خدّكَ الأيمنَ على الأرضِ وتقول: يا كهفي حينَ تُعييني المذاهبُ وتضيقُ عليَّ الأرضُ بما رحُبتْ، ويا بارئَ خلقي رحمةً بي وكنتَ عن خلقي غنيا صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ، وعلى المستحفظينَ من آلِ محمدٍ – ثلاثا.

ثم تضعُ خدّكَ الأيسرَ على الأرض وتقول: يا مُذلَّ كلِّ جبارٍ، ويا مُعزَّ كلِّ ذليلٍ، قدْ وعزّتِكَ بلغَ [بي] مجهودي – ثلاثا.

ثم تعودُ للسجودِ وتقول: مائة مرة “شكراً شكراً”.

ثم تسألُ حاجتكَ إن شاء الله”.

🔹وروى في الكافي عن سليمان بن حفص قال: ” كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) في سجدةِ الشكرِ فكتبَ إليّ، مائةَ مرةٍ: شكراً شكراً، وإن شئتَ عفواً عفواً”.

🔹وروى عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: “خرجتُ مع أبي الحسنِ موسى بن جعفرٍ (عليه السلام) إلى بعضِ أموالهِ فقامَ إلى صلاةِ الظهرِ فلما فرغَ خَرَّ للهِ ساجدا فسمعتُهُ يقولُ بصوتٍ حزينٍ وتغرغرِ دموعهِ:

ربِّ عَصَيتُكَ بلِسَاني ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لأخْرَسْتَني، وعَصَيتُكَ ببصَري ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لأَكْمَهْتَني، وعَصَيتُكَ بسمعي ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لأصممتني، وعَصَيتُكَ بيدَي ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لَكَنَعْتَني، وعَصَيتُكَ برِجْلِي ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لَجَذَمْتَني، وعَصَيتُكَ بفَرْجِي ولو شِئْتَ وعِزَّتِكَ لَعَقَمْتَني، وعَصَيتُكَ بجميعِ جَوارحِي التي أَنعمتَ بها عليَّ وليسَ هذا جزاؤُكَ مني.

قال: ثمّ أحصيتُ له ألفَ مرةٍ وهو يقول: العفوَ العفوَ.

قال: ثم ألصقَ خدّهُ الأيمنَ بالأرضِ فسمعتهُ وهو يقولُ بصوتٍ حزينٍ: بُؤتُ إليكَ بذنبي، عملتُ سوءاً وظلمتُ نفسي فاغفرْ لي فإنهُ لا يغفرُ الذنوبَ غيركَ يا مولاي. (ثلاث مرات).

ثم أَلصقَ خدّهُ الأيسرَ بالأرضٍ فسمعتهُ يقول: ارحَمْ منْ أساءَ واقترفَ واستكانَ واعترفَ (ثلاث مرات) ثم رفعَ رأسه”.

🔹وروى الصدوق في العلل وفي العيون عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: “السجدةُ بعدَ الفريضةِ شُكْرٌ للهِ تعالى على ما وفَّقَ له العبدَ من أداءِ فرضهِ، وأدنى ما يجزئُ فيها من القولِ أن يقولَ: شُكْراً للهِ شُكْراً للهِ شُكْراً للهِ (ثلاث مرات).

قلتُ: فما معنى قولهِ شُكْراً للهِ؟

قال: يقولُ هذهِ السجدةُ مني شكراً لله عزوجلّ على ما وفقني له من خدمتهِ وأداءِ فرضهِ، والشكرُ مُوجبٌ للزيادةِ، فإنْ كانَ في الصلاةِ تقصيرٌ لم يتمَّ بالنوافلِ تمَّ بهذهِ السجدة”.

🔻ويستحبُ بعدَ السجودِ وضعُ اليدِ على محلِّ السجودِ ثم يمسحُ بها وجهَهُ وما نالتْهُ من بدنهِ وإن لم يكنْ به علةٌ ولا مرضٌ لدفعِ ما عساهُ يعرِضُ من الأمراضِ في هذه الأماكن.

🔹روى الشيخ أبو علي بن الشيخ الطوسي في كتاب المجالس عن جميل عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: “أوحى اللهُ تعالى إلى موسى بن عمرانَ: أتدري يا موسى لمَ انتجبتكَ من خلقي واصطفيتكَ لكلامي؟

فقال: لا يا رب.

فأوحى الله إليهِ أني اطّلعتُ إلى الأرضِ فلمْ أجدْ عليها أشدَّ تواضعاً لي منكَ، فخَرَّ موسى ساجدا، وعفَّرَ خديهِ في الترابِ تذللا منهُ لربهِ عزوجلّ، فأوحى اللهُ إليهِ: أن ارفعْ رأسكَ يا موسى وأَمرَّ يدكَ في موضعِ سجودكَ، وامسحْ بها وجهكَ وما نالتهُ من بدنكَ فإنه أمانٌ من كلّ سقمٍ وداءٍ وآفةٍ وعاهةٍ”.

🔻وليسَ في سجودِ الشكرِ تكبيرُ افتتاحٍ، ولا تكبيرٌ للسجودِ، ولا لرفعِ الرأسِ منه، ولا رفعُ اليدين، ولا تشهدٌ ولا تسليم.

🔻ولا يشترطُ في هذا السجودِ وضعُ الجبهةِ على ما يصحُّ السجودُ عليهِ ولا وضعُ الأعضاءِ السبعةِ على الأرضِ لأن المطلوبَ هنا تحقّقُ مسمّى السجودِ وهو حاصلٌ بمجردِ وضعِ الجبهة.

🔻ويجوزُ سجودُ الشكرِ على الراحلةِ اختيارا.

🔻ويتأدى سجودُ الشكرِ المندوبِ إليهِ بالسجودِ مرةً واحدةً وإن كانَ التعدّدُ أفضل.

ويحصلُ التعدّدُ بتعفيرِ الخدَّينِ بينَ السجدتين.

🔻وقد استفاضتْ الأخبارُ باستحبابِ إطالةِ السجود.

مصدر الروايات:

وسائل الشيعة - أبواب سجدتي الشكر

📌من فتاوى المحدّث الشيخ يوسف البحراني ‏”قدس سره الشريف”‏ في كتابه الحدائق الناضرة.

🖌 الشيخ جعفر الشارقي

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *