لو أخبرت المرأة بموت زوجها أو طلاقه لها
⛔️ من أبحاث صاحب (الحدائق الناضرة) المحدث الشيخ يوسف البحراني (قدس سره) في كتاب الدرر النجفية:
❇️ لو أخبرت المرأة بموت زوجها أو طلاقه لها، فهل تصدق بمجرد ذلك أم لا؟
✅ المفهوم من كلام الأصحاب (رضوان اللّه عليهم) الأوّل، وهو مقتضي قواعدهم من قبول قول من لا منازع له كما صرحوا به في مواضع عديدة.
ويؤيده إطلاق الأخبار الدالة على تصديق المرأة في الحيض والعدة، وعدم الزوج:
1- ففي رواية ميسر - وهي صحيحة - إليه قال:
قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): ألقى المرأة في الفلاة التي ليس فيها أحد، فأقول لها: ألك زوج؟ فتقول: لا. فأتزوجها؟
قال: «نعم هي المصدّقة على نفسها».
2- وفي رواية أبان بن تغلب عنه (عليه السّلام): «ليس هذا عليك إنّما عليك أن تصدّقها في نفسها).
وإطلاق الجواب فيها شامل لما نحن فيه.
وعلل أيضا بأن قبول قولها ليس بأبعد من قبول قول ذي اليد في انتقال مال غيره إليه، ونحو ذلك مع اتفاقهم على قبوله؛ ولأنه ربما مات الزوج وتعذّر مصادفته بعينه، فلو لم يقبل ذلك منها لزم الضرر والحرج عليها المنفيان بالآية والرواية.
3- ويؤيده ما في رواية أحمد بن محمّد بن أبي نصر وغيره قال: قلت للرضا (عليه السّلام): الرجل يتزوج المرأة، فيقع في قلبه أن لها زوجا.
قال: «ما عليه، أرأيت لو سألها البينة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟».
وهي صريحة في المطلوب.
📌 أقول: ويؤيد ذلك أيضا:
إن الأخبار الواردة في إثبات الدعاوى بالبينات والأيمان لا عموم فيها على وجه يشمل هذه المسألة؛ فإن موردها إنّما هو النزاع بين الخصمين وحصول مدع ومنكر هنا، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بجميع مواردها، وهو ظاهر في تأييد ما ذكروه من القاعدة المشار إليها آنفا.
وقد ورد في النصوص مواضع عديدة حكم الشارع فيها بقبول قول المدعي إذا لم يكن له منازع.
ومنها ما رواه في (الكافي) و(التهذيب)، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: قلت: عشرة كانوا جلوسا وفي وسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضا: ألكم هذا الكيس؟ فقالوا كلهم: لا. وقال واحد منهم: هو لي. فلمن هو؟ قال: «هو للذي ادّعاه».
📌 وبالجملة، فالمؤيدات لذلك كثيرة، ومن أوضحها صحيحة حماد عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) في رجل طلق امرأته ثلاثة فبانت منه، فأراد مراجعتها، فقال لها: إني أريد مراجعتك، فتزوّجي زوجا غيري، فقالت: لي قد تزوجت زوجا غيرك، وحللت لك نفسي، أتصدّق ويراجعها؟ وكيف يصنع؟
قال: «إذا كانت المرأة ثقة صدقت في قولها».
فإنه (عليه السّلام) لم يوجب عليها بينة ولا يمينا في قولها.
قال شيخنا الشهيد الثاني في (المسالك):
(وكما يقبل قولها في حق المطلق يقبل في حقّ غيره، وكذا الحكم في كل امرأة كانت مزّوجة وأخبرت بموته أو فراقه، وانقضاء العدة في وقت محتمل. ولا فرق بين أن يتعين الزوج وعدمه، ولا بين إمكان استعلامه وعدمه) انتهى.
📌 نعم، يبقى الكلام في اشتراطه (عليه السّلام) في هذا الخبر كون المرأة ثقة، فإنه مخالف لظاهر كلام الأصحاب، وإطلاق غيره من الأخبار الدالة [جميعها] على قبول قولها وتصديق إخبارها مطلقا.
وحملها بعض الأصحاب على الاستحباب، وأن المراد بكونها ثقة، يعني ممن يوثق بخبرها وتسكن النفس إليه، وإن لم يحصل مع ذلك العدالة المعتبرة في قبول الشهادة.
وهو متجه، ومرجعه عدم التهمة لها في إخبارها.
وبما حققناه في المقام يظهر لك ضعف توقف الفاضل محمّد باقر الخراساني (قدّس سرّه) في كتاب (الكفاية) في المسألة المذكورة. واللّه العالم.
المصدر:
الدرة 27 من كتاب: "الدرر النجفية" للمحدث الشيخ يوسف البحراني (قدس سره).