العفو عن الدم الناقص عن مقدار الدرهم

⛔ مسألة شرعية:
تم توجيهها إلى المحدث الشيخ يوسف البحراني "قدس سره الشريف":
🔵 السؤال: ما رأيك فيما عُفي عمّا نقص عن سعة الدرهم من الدم ما عدا الدماء الثلاثة ودم نجس العين هل هو دم الإنسان بعينه أيُصلّى في ذلك الدم خاصّة كما قيل أو دمه و دم غيره من الإنسان والحيوان خلا ما استثني؟
أفدنا أيّدك الله.


🛑 الجواب: الشيخ يوسف البحراني:
إنّه لا خلاف نصّاً وفتوىً في العفو عن الدم الناقص عن مقدار الدرهم عدا ما استثني، سواء كان من دم الإنسان نفسه أو دم غيره، من حيوان أو إنسان.
والروايات الدالّة على العفوّ عن هذا المقدار ظاهرة العموم، والأصحاب مجمعون على القول بها.
ومن الأخبار المذكورة صحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) وفيها قلت: فالرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم به ثمّ يعلم فينسى أن يغسله فيصلّي ثمّ يذكر بعد ما صلّى أيعيد صلاته؟ قال: يغسله ولا يعيد صلاته إلّا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعاً فيغسله ويعيد صلاته.
وحسنة محمّد بن مسلم قال: قلت له: الدم يكون في الثوب عليَّ وأنا في الصلاة قال: رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصلِّ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامضِ في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم، وما كان أقلّ من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أم لم تره.. الحديث.
وما رواه إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في الدم يكون في الثوب: إن كان أقلّ من درهم فلا تعيد الصلاة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه ولم يغسله حتّى صلّى فليعد الصلاة.. الحديث.
إلى غير ذلك من الأخبار.
وإطلاق الدم فيها شامل لجميع الدماء.
نعم قد دلّت رواية أبي بصير على استثناء دم الحيض قليله وكثيره، وإنّه لا يعفى عنه، وبه قال الأصحاب من غير خلاف يعرف فوجب تخصيص إطلاق تلك الأخبار بما عداه.
وألحق به بعض الأصحاب دم الاستحاضة والنفاس، وزاد آخر دم نجس العين.
وورد في مرفوعة البرقي ما يدلّ على إلحاق دم الغير بدم الحيض وأنّه لا يعفى عن قليله ولا كثيره، ولم اطّلع على قائل بمضمونها إلّا المحدّث الأمين الاسترآبادي (عطّر الله مرقده) والرواية المذكورة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: دمك أنظف من دم غيرك، إذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك فلا بأس، وإن كان دم غيرك قليلًا كان أو كثيراً فاغسله.
والمراد بالغير ما كان من دم شخص غيره، ولعلّ الوهم الذي نقلتموه سرى من هذه الرواية حيث رآها من لم يصل فهمه إلى معناها فتوهّم أنّ المراد بالغير ما يشمل جميع الحيوانات من إنسان وغيره وخصّ العفو بدم الإنسان نفسه لذلك وهو غلط محض بل المراد بغيرك فيها إنّما هو من الناس وهو الذي صرّح به المحدِّث المشار آنفاً ولو كانت الرواية المذكورة ظاهرة في هذا المعنى المتوهّم لوجب طرحها في مقابلة الأخبار العديدة المعتضدة بعمل الأصحاب واتّفاقهم الدالّة على عموم العفو عن جميع الدماء متى نقصت عن سعة الدرهم إلّا دم الحيض.
وليس لقائل أن يقول: إنّه مع ظهورها كما هو المفروض يمكن تخصيص تلك الروايات بدم الإنسان نفسه بهذه الرواية.
لأنّا نقول: إنّ تلك الأخبار اشتملت على أحكام عديدة مترتّبة على هذا الدم المذكور فيها فتقييده بدم الإنسان نفسه يوجب بطلان تلك الأحكام المرتّبة على جميع الدماء إذ لا مستند إلّا هذه الأخبار وهو في البطلان أظهر من أن يحتاج إلى البيان.
📌 وبالجملة: فإنّه توهّم فاسد نشأ من عدم إعطاء التأمّل حقّه في الأخبار والنظر فيها بعين الفكر والاختبار، وإلى هذه الرواية أشار في كتاب الفقه الرضوي فقال (عليه السلام): وأروي انّ دمك ليس مثل دم غيرك. ولا بأس بالعمل بالخبر المذكور فتخصّ به تلك الأخبار كما خصّت برواية أبي بصير. والله العالم).
المصدر: مخطوط الأنوار الحيرية
للمحدث الشيخ يوسف البحراني ‏"قدس سره الشريف"

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *