أسئلة حول تصدّي العلماء لأمر الهلال

⛔️ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سماحة الشيخ الشارقي

لدي سؤال حساس قليلا

أرجو منكم التفضّلُ بالإجابة عليه ‏على مبنى الشيخ يوسف البحراني رحمة الله عليه.

🖍 السؤال: ما هو الدليل على تصدّي العلماء لأمر الهلال؟

أو بالأحرى من أيّ باب وتحتَ أيّ عنوان يتصدّى علماؤنا الكرام لتثبيت الهلال؟

وهل يشترط في ثبوت الهلال أن يطمئن له العلماء ‏أم أن الأمر راجع إلى المكلفين؟

ثم هل يجب على المكلفين العمل على ‏ما يتوصل إليه العلماء من اطمئنان بالثبوت أو عدمه؟

🟢 عليكم السلام ورحمة الله وبركاته 🌹

الجواب: ‏ينبغي أن يُعلمَ أن المحدّثَ الشيخ يوسف البحراني “قدس سره” يرى بأن ‏البحثَ في ‏موضوع حكم الهلال ثبوتا وعدما إنما يتوجّهُ ‏في الأساس إلى نفسِ المكلف ‏وليس إلى الفقيهِ فضلا عن غيرهِ من سائرِ العلماء.

🔻 تتوجّهُ إلى المكلفِ مسؤوليةُ ‏البحثِ والسؤالِ عن وجود شياعٍ برؤية هلالِ شوال أو شهودٍ عدولٍ شهدوا برؤيته أو أشخاصٍ سمعوا منهم شهادتهم، ‏وأن يعلمَ بعدالتهم من خلال معرفتهم أو تزكية الآخرين لهم، فإن وَجَدَ ذلك وإلا فإنّ عليه ‏البناءُ على ‏الحالة السابقة وإكمالُ العدةِ والصيام.

وهكذا الكلامُ بالنسبةِ إلى سائرِ الشهور ‏العربية.

أما الفقيهُ فإن المطلوبَ منه هو النظر ُ في أدلّةِ المسائل المتعلقةِ بالهلال والإفتاءُ فيها، ثمّ على المكلف أن يطبّقَها على واقعه.

🔻 ‏قال في الجزء الثالث عشر من كتاب الحدائق الناضرة ‏في مسألة حكم الحاكم وبيان وظائفه:

قد صرّحَ جملةٌ من الأصحاب: منهم العلّامة وغيره بأنه لا يعتبرُ في ثبوت الهلال بالشاهدين في الصوم والفطر حكمُ الحاكم بل لو رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم وجبَ على من سمع شهادتهما وعرف عدالتهما الصوم أو الفطر.

وهو كذلك لقول الصادق “عليه السلام” في صحيحة منصور بن حازم “فإن شهدَ عندكم شاهدان مرضيّان بأنهما رأياه فاقضه.

وفي صحيحة الحلبي وقد قال له: “أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم؟ قال: لا إلا أن يشهد لك بينةٌ عدول، فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقضِ ذلك اليوم”.

🔻 أقول: والظاهر أن هذا الحكمَ لا ريبَ فيه ولا إشكال، وإنما الإشكال في أنه: هل يجب على المكلف العملُ بحكم الحاكم الشرعي متى ثبتَ ذلك عنده وحكمَ به أم لابدّ من سماعهِ بنفسه من الشاهدين؟

ظاهر الأصحاب الأول بل زاد بعضهم كما سيأتي في المقام إن شاء الله تعالى الاكتفاء برؤية الحاكم الشرعي.

🔻 ثم استطردَ في البحث ‏وختمهُ بقوله:

وبالجملة فإن غايةَ ما يستفادُ من الأخبار بالنسبة إلى الحاكم الشرعي هو اختصاصُ الفتوى في الأحكام الشرعية والقضاءُ بين الخصوم به، وكذا ما يتعلق بالحقوق الإلهية.

🔻 وجملةٌ من الأخبار كما عرفتَ قد دلّتْ على أنه يكفي في ثبوت ما نحن فيه سماعُ المكلف من الشاهدين من غير توقفٍ على حكم الحاكم، وحينئذ فلا يكون ذلك من ما يختصُّ بالحاكم مثل الأشياء المتقدمة، فوجوبُ رجوعِ المكلف إلى حكمِ الحاكم في ما نحن فيه يحتاجُ إلى دليل، ومجرّدُ نيابتهِ عنهم (عليهم السلام) قد عرفتَ ما فيه.

🔻 نعم ربما يُشكلُ بما إذا كان المكلفُ جاهلا لا يعرف معنى العدالة ليحصلَ ثبوت الحكم عنده بشهادة العدلين كما يشيرُ إليه كلام السيد السند في المدارك.

إلا أن فيه أن الظاهر أن هذا ليس بعذرٍ شرعي يسوّغُ له وجوبَ الرجوع إلى حكم الحاكم لاستنادهِ إلى تقصيره بالبقاء على جهلهِ وعدمِ تحصيل العلم الذي استفاضت الأخبارُ بوجوبه عليه.

على أن هذا الإيرادَ لا يختصُّ بهذا المقام بل يجري في الطلاق المشترط بالعدلين وصلاة الجماعة ونحو ذلك. انتهى ‏كلام المحدّث البحراني.

وقد تكرّر هذا التفصيل منه ‏”قدس سره” في الدرّة 31 من كتابه الدّرر النجفيّة.

🔵 خلاصة القول:

يُعلم مما تقدّمَ أنه ‏لا يُوجدُ دليلٌ معتمدٌ يدلُ على أن التصدّي لتثبيتِ الهلال من المهمّاتِ التي تختصُّ بالفقهاء فضلاً عن سائر العلماء، وهو ليس واجباً عليهم من الأصل، وإنما هو تبرعٌ منهم ‏وتحمّلٌ للمسؤوليّةِ والعناءِ من أجل تسهيلِ هذا الأمر على سائرِ المكلفين، ولأنهم ‏-كما يَعلمُ الجميع- أعرفُ الناسِ بتحقيقِ أمرِ العدالةِ المشروطةِ في الشهود، وهم الأعرفُ بالمباني الفقهية في قضية الهلال وتطبيقها على الواقع.

ولذلك فإن التعاملَ مع الفقيه أو العالم الذي يتصدّى لأمر الهلال كالتعاملِ مع أي خبيرٍ ثقةٍ عارفٍ بالفتاوى وتطبيقها، ‏وهم هنا مجردُ واسطةٍ بين المكلّف وبين الشهود ‏وتطبيق المبنى الفقهي لمرجعه مع الإلتفاتِ إلى أن الأمرَ الأهمَّ هنا والمطلوبَ من المكلّف هو البناءُ على علمهِ واطمئنانهِ الشخصيّ بعد معرفته بمبنى مرجعه في الهلال، سواء كان مستفاداً من اطمئنانِ الفقيه أو العالم الذي تصدّى لتثبيتِ الهلال أو من خلالِ سماعهِ مباشرةً من الشهود أو من خلالِ معرفتهِ بثبوتِ الشّياع ‏برؤية الهلال.

وما لم يحصلِ الاطمئنانُ للمكلّف بالشياع أو ثبوتِ الرؤيةِ المعتدّ بها ‏من داخل البلاد أو خارجها فلا يجوزُ له البناءُ ‏وترتيبُ الأثر عليها حتى لو ثبّتهُ الفقيهُ أو حكمَ بثبوتهِ أو ‏أعلنَ العلماءُ ‏اطمئنانَهم بالرؤيةِ والثبوت.

🖌 الشيخ جعفر الشارقي

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *