محاذاة المرأة للرجل في الصلاة

⛔ مسألة شرعية:
تم توجيهها إلى المحدث الشيخ يوسف البحراني "قدس سره الشريف":
🔵 السؤال: ما قول شيخنا في محاذاة المرأة للرجل في الصلاة هل هي مبطلة لصلاة اللاحق منهما أم لا؟
وإذا اقترن في التكبير هل يبطلان معاً؟
وما مقدار التخلّف والتباعد على القول بهما إمّا وجوباً أو استحباباً؟
أفدنا أيّدك الله.


🛑 الجواب: الشيخ يوسف البحراني:
(إنّه قد اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ذلك فقيل بالتحريم والظاهر أنّه هو المشهور بين المتقدّمين وقيل بالكراهة وهو المشهور بين المتأخّرين وإليه ذهب المرتضى في المصباح واختاره السيّد السند في المدارك وغيره من أفاضل متأخّري المتأخّرين والمختار عندي هو القول الأوّل وهذه المسألة أيضاً قد استوفينا فيها القول والتحقيق الذي بها يليق في كتابنا المتقدّم ذكره ونقلنا جميع ما يتعلّق بها من أخبارهم (عليهم السلام) وجمعنا بينها بما يرجع إلى ما اخترناه في المقام إلّا أنّه لا بدّ هنا من ذكر بعض تلك الأخبار الجاري على هذا المنوال ليتّضح به على ما يتفرّع على ذلك امّا تضمّنه السؤال.
فنقول: منها صحيحة محمّد بن مسلم قال: سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصلّيان جميعاً، فقال: لا، ولكن يصلّي الرجل فإذا صلّى صلّت المرأة.
وصحيحة إدريس بن عبد الله القمّي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي وبحياله امرأة نائمة على فراشها جنباً فقال: إن كانت قاعدة فلا تضرّه وإن كانت تصلّي فلا.
وهما ظاهرتان في التحريم.
ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يصلّي والمرأة بحذائه يمنة أو يسرة قال: لا بأس به إذا كانت لا تصلّي.
وموثّقة ابن بكير عمّن رواه عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يصلّي والمرأة بحذائه أو إلى جانبه فقال: إن كان سجودها مع ركوعه فلا بأس.
ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعاً في المحمل قال: لا، ولكن يصلّي الرجل وتصلّي المرأة.
وموثّقة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انّه سئل عن الرجل يستقيم له أن يصلّي وبين يديه امرأة تصلّي؟ قال: لا تصلّي حتّى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع وإن كانت عن يمينه أو عن يساره جعل بينه وبينها مثل ذلك وإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه.
واستدلّ في المدارك على ما ذهب إليه من جواز المحاذاة وإن كان على كراهية بجملة من الأخبار التي لا دلالة فيها عند التأمّل فيها بعين الاعتبار.
ومنها: صحيحة عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أُصلّي والمرأة إلى جنبي تصلّي، قال: لا إلّا أن تتقدّم هي أو أنت ولا بأس أن تصلّي وهي بحذاك جالسة. ومبنى استدلاله بها على حمل التقدّم فيها على التقدّم إلى القبلة حال صلاتهما معاً. وهو غلط محض.
بل المراد إنّما هو التقدّم بأن يصلّي هو أوّلًا ثمّ هي أو تصلّي هي أوّلًا ثمّ هو، فالمراد التقدّم في الإتيان بالصلاة بأن يصلّي أحدهما حتّى إذا فرغ صلّى الآخر، وإلّا فكيف يمنع (عليه السلام) المحاذاة ويجوّز تقدّم المرأة وهو أشدّ في المنع.
ومنها: صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل فقال: لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلّا أن يكون قدّامها ولو بصدره.
والجواب عنها إنّما ذكرناه من عدم جواز المحاذاة ووجوب تقدّم الرجل على المرأة، فالمراد به أنّه لا تجوز المساواة في الموقف، بل لا بدّ من تقدّم الرجل عليها بشيء من نحو ذراع وشبر والمتقدّم بالصدر يحصل بالتقدّم عليها بشبر ولم يوجب التقدّم بكلّه بمعنى أنّه يجب تأخّر المرأة عنه بحيث يكون سجودها بعد عقب رجليه بل يكفي في التقدّم ما ذكرناه ويزول به تحريم المحاذاة أو الكراهة على القول بها.
ويشير إلى ما ذكرناه أيضاً موثّقة ابن بكير المتقدّمة وقوله فيها: إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس.
📌 وبالجملة: فالمستفاد من الأخبار ممّا ذكرناه وما لم نذكره بعد حمل مطلقها على مقيّدها ومجملها على مفصّلها انّ الواجب في صلاة الرجل مع المرأة في مكان دفعة انّ المرأة إن كانت متقدّمة فلا بدّ من حائل أو ببعد قدر عشرة أذرع فصاعداً، وهكذا إذا كانت إلى أحد جانبيه مساوية له في الموقف.
وأمّا مع تأخّرها فإنّه يكفي تقدّمه عليها بقدر ذراع أو شبر ونحو ذلك ممّا هو مذكور في الأخبار ولا يشترط هنا أزيد من ذلك.
إذا عرفت ذلك فاعلم إنّ إطلاق كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في البطلان بين اقتران الصلاتين أو سبق إحداهما في بطلان كلّ منهما.
ونقل عن جمع من المتأخّرين تخصيص الحكم بالمقارنة بمعنى بطلانهما مع المقارنة والمتأخّرة دون السابقة في صورة عدم المقارنة وهو الأقرب.
ويؤيّده أنّ المتبادر من جملة من عبارات تلك الأخبار انّ المراد من قوله: يصلّي والمرأة بحياله يعني يريد الصلاة.
وحاصل السؤال حينئذ انّه هل يجوز له الدخول في الصلاة والحال هذه، ويؤكّده أيضاً انّه لم يعهد في القواعد الشرعية بعد افتتاح الصلاة على الصحّة تأثير فعل الغير في بطلانها بغير اختيار المكلّف.
وكيف كان فالاحتياط في العمل بالقول الأوّل. والله العالم).
المصدر: مخطوط الأنوار الحيرية
للمحدث الشيخ يوسف البحراني ‏"قدس سره الشريف"

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *