ما هو المقدارُ المسموحُ به من التباعدِ بين المصلين في صلاة الجماعة

⛔️ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سماحة الشيخ الشارقي العزيز

في ظل أزمة هذا الوباء المنتشر “كورونا” سمَحتْ بعضُ البلدان بإقامةِ صلاةِ الجماعة مع فرضِ التباعدِ بين المأمومين، وربّما يفرضُ هذا الأمرُ عندنا في البحرين أيضا.

السؤال: ما هو المقدارُ المسموحُ به من التباعدِ بين الإمام والمأموم، وبين المأمومين مع بعضهم البعض ‏عند مرجعنا المقدّس الشيخ يوسف البحراني قدس الله روحه؟

🟢 الجواب: ‏قال المحدّثُ البحراني “قدس سره” في كتابه الرّسالة الصلاتيّة:

(يشترط عدمُ التباعدِ بين الإمام والمأمومين، وكذا بين المأمومين بعضهم مع بعض بما لا يتخطّى عادةً، وقُدّرَ بمَسقطِ جسدِ الإنسان إذا سجد.

والمشهورُ عندهم الرجوعُ في البعد المنهيّ عنه إلى العرف، وهو بعيدٌ.

وقيل: إنه عبارة عمّا يمنعُ المشاهدة والاقتداء بأفعال الإمام وهو أبعد.

وقيل: يجوز البعدُ بثلاثمائة ذراع وهو أبعدُ وأبعد.

والأصحُّ ما ذكرناه أولاً وفاقاً لجملة من متأخري المتأخرين.

ومن هنا صرّح بعضهم بأن الأحوط للبعيد من المأمومين أن لا يُحرمَ حتى يحرمَ من هو أقربُ ممن يزولُ معه التباعدُ المذكور. وهو كذلك). انتهى كلامه.

🖍أقول: يتلخّصُ من ذلك أن في تحديد التباعدِ المنهيّ عنه في صلاة الجماعة أقوال أربعة:

الأول: تحديدُهُ بما لا يتَخطّى، وقُدِّرَ بمسقطِ جسدِ الانسان إذا سجد.

الثاني: تحديدُهُ بالرجوع إلى العرف.

الثالث: تحديدُهُ بما يمنعُ المشاهدة والاقتداء بأفعال الإمام.

الرابع: تحديدُهُ بعدمِ البعدِ بثلاثمائة ذُراع.

وقد أفتى الشيخُ المرجعُ ‏”قدس سره الشريف” بالقول الأول.

📚 وقال في ‏الجزء الحادي عشر من الحدائق الناضرة ‏بعد أن ذكرَ الأقوالَ الثلاثةَ الأخيرة أعلاه وفنّدَها:

🔻(وقال أبو الصلاح وابن زهرة: لا يجوز أن يكون بين الصفّين من المسافة ما لا يتخطى.

وإلى هذا القول مالَ جملةٌ من أفاضل متأخري المتأخرين.

وهو الحقُ الحقيقُ بالإتّباع.

لقوله “عليه السلام” في صحيحة زرارة المتقدمة: “إن صلّى قوم وبينهم وبين الإمام ما لا يتخطى فليس ذلك الإمام لهم بإمام، وأيّ صفٍّ كان أهله يصلّون بصلاة إمام وبينهم وبين الصفّ الذي يتقدمهم قدرَ ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة”).

🔻 ثم قال:

(أقول: ويؤيّد الروايةَ المذكورة ما رواه في كتاب دعائم الاسلام عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) أنه قال: ينبغي للصفوف أن تكون تامّةً متصلةً ويكون بين كل صفّين قدرَ مسقط جسد الانسان إذا سجد، وأيّ صفٍّ كان أهله يصلّون بصلاة الإمام وبينهم وبين الصفّ الذي تقدّمهم أزيدَ من ذلك فليس تلك الصلاة لهم بصلاة).

🔻 وفي ختام البحث قال:

(وبالجملة فالظاهر عندي من النصّ المذكور هو وجوبُ مراعاة هذا المقدار بين الإمام والمأمومين، وكذا ما بين المأمومين بعضهم مع بعض.

وظاهر الخبر المذكور أنه لا ينبغي أن يكون بين الصفّين زيادة على مسقط جسد الانسان حال السجود بمعنى أنه يكون سجوده متصلا بعقبِ رجلي المتقدم، فتكون مسافة البعد من موقف المصلي لا من موضع سجوده.

وقوله عليه السلام: “يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان” أي قدر المسافة التي يحصل بها تواصل الصفوف بعضها إلى بعض هذا المقدار.

وما ذكرناه ظاهر من عبارة الخبر المنقول من كتاب الدعائم أتمّ الظهور).

🔵 الخلاصة من هذه الفتوى:

إن من شرائط صلاة الجماعة وحصول الاقتداء بإمامها أن لا يبتعد المأموم في موقفه عن موقف الإمام بمقدار ما لا يخطوه الإنسان الطبيعي، ‏بل يترك أمامه مقدار جسده إذا سجد فقط، وهو ما بين 100 إلى 120 سنتيمترا.

فإذا وُجدَتْ هذه المسافة بين الإمام والمأموم الذي خلفه أو بين الصف والصف ‏الذي بعده فإنه لايصح اقتداء المبتعد -شخصا كان أو صفا- ‏عن الإمام أو عن الجماعة في هذه الصلاة، ‏وصلاتهم جماعة غير صحيحة.

🔻 ‏والمفهومُ من قوله “قدس سره”: (بمعنى أنه يكون سجوده متصلا بعقبِ رجلي المتقدم، فتكون مسافة البعد من موقف المصلي لا من موضع سجوده..).

هو: إن هذه المسافةَ يجبُ أن تحسبَ من موقفِ المصلي المأموم لا من موضع سجوده.

وهذا خلاف ما عليه عدةٌ من الفقهاء المعاصرين من أن المسافة تحسبُ من موضع سجود المصلي إلى موضع وقوف الذي أمامه.

ونتيجة ذلك: إن ترك مقدار صفّ بين الصفوف خاليا غيرُ جائزٍ عند الشيخ “قدس سره” بينما هو جائزٌ عند مجموعةٍ من الفقهاء.

🔻 ‏وبناء على ذلك لا يصح ابتعاد الصف الأول عن الإمام ولا ابتعاد الصف الثاني عن الصف الأول وهكذا ‏بهذا المقدار.

كما لا يصح ابتعاد المأموم في الصف الأول عن المأموم الآخر ‏الذي يوصله بالإمامبهذا المقدار ‏لانقطاع الاتصال بالامام.

🔻 ‏نعم لا إشكال في ابتعاد المأموم ‏في الصف الثاني وما بعده عن المأموم الآخر في نفس الصف ‏عن يمينه وشماله ‏لحصول الإتصال بالصف الذي أمامه.

🖌 الشيخ جعفر الشارقي

تواصل معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *